الخميس، أكتوبر 13، 2011

ثمرة الكلام و مسؤولية القائل

الإنسان مهما حرص على تكميل نفسه بالعلم والعمل لن يستطيع أن يخرج من حقيقة أن النقص مسئولٍ على جملة البشر . ومن فعل البشر كلامهم .



كلام الله – عز وجل – له الكمال المطلق التام ، دلالته في عمومها وخصوصها ، في إطلاقها وتقييدها ، كّلها حقٌ يجمع بعضه إلى بعض ، فكلُّ دلالاته ولوازمها – بكافة أنواع الدلالة حقٌ يجب التسليم له والإنتفاع به .
وكذلك كلام النبي – صلى الله عليه وسلم – من الوحي الذي تجري عليه أحكامه .
كلام البشر قد تدخله أمورٌ تؤثر في المعاني التي يؤدّى بها ، سواءٌ كان في إختيار الآلفاظ ، أو تركيب هذه الألفاظ وبناء الجمل ، وفي التعبير بها .
ولما كانت هذه التصرفات من البشر في كلامهم وسبكهم لها أثٌر في المعاني والفهم، قال النبي – صلى الله عليه وآله وسلم - : "لعلّ أحدكم أن يكون ألحنُ بحجته من أخيه فاقضي له على نحو ما أسمع ، فمن قطعت له من حق أخيه شيء ، فإنما أقطع له قطعةً من النار" . – أو فيما معناه - .
ومن هنا جاءت الأدلة الشرعية الكثيرة المحذرّة من أسلوب أهل الباطل ، وأنهم يستعملون من الألفاظ والأساليب والتراكيب ما يقصدون به التأثير على المستمع ليقبل ما يقولونه ويزعمونه حتى لو كان معارضاً للدليل الشرعي ، حتى أنَ النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – عاب طريقة أهل الباطل ، وشبه تصرفهم في ألفاظهم بأقبح التشبيه ، فقال – صلى الله عليه وآله وسلم - : "إنَّ من البيان لسحرا" .
وذلك لما يحصل به من قلب حقائق المعاني فيؤثر في الناس بالباطل .
وفي كلام الله – عز وجل – القرآن وصف ذلك بزخرف القول كما قال الله تعالى : "يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً" .
وهذا بابٌ واسِعٌ بينتهُ الأدلة الشرعية وحمت المسلمين من طرق الباطل .
والمقصود التنبيه عليه هنا : أنّ المتلقي للكلام عليه واجبٌ شرعي مثلما أنَ المتكلَم عليه واجبّ شرعي .
فلا يُعْفِي المسلم المستمع المتلقي نفسه من المسئولية في التحري والإستعانة بالله – عز وجل – على حسن التفّهم والحكم على الكلام ، فإنَ المبطل بزخرف القول لن يروج باطلة إلاّ على محل قابل يروج عليه الباطل لتقصيره في طلب الحق وتحكيمه .
فحين يسأل – مثلاً – شيخ أو طالب عن رأس من رؤس البدع والضلال ، والفساد والإفساد ، بإتفاق علماء السنة ، فيجيب المسئول : بالإقرار بوجود أخطاء عنده ، وبالنهي عن القراءة له – للمبتدأين خاصة – مع نوع إعتذارٍ باطِنٍ له ، والإشارة إلى وجود شيء من الفوائد في كلامه ، ويغلّف ذلك كلَه بثوب العلمية المصطنع والمشيخة والهدوء ، ويستفز المشاعر أوّل إجابته أنه مستهدفٌ ليُصَّنفُ أو يسقط من قبل غلاة الجرح المتربصين بالدعاة الدوائر ، وأنه يحتمل أنهم هم الذين زجّوا له بهذا السؤال ، ثمّ يظهر ثوب النسك والديانة والشفقة لإحتمال أن يكون السائل حسن القصد مغررٌ به ، فيجيب بما حاصله ما تقدّم ، فيتلقى بعض الشباب هذه الإجابة فيمرض قلبه ، وتتداخل مذاهب البدعة والسنة في نفسه .
فيا أخي الشاب المؤمن الصادق قم لله – عز وجل – قومة صدق ، واعتصم بالسنة بكلّ قوتك ، واضرع إلى الله – عز وجل – يغيثك ، وإهتك أستار الحيّل ، وانفض بهرج القول ، ولا تترك نفسك في هذه الأجواء والكلمات فإذا بنور السنة يختلط في قلبك و يضعف وميضه ..!
(المسئول عنه سيّد قطب ، والمجيب....... اضغط هنا)

بقلم الشيخ أحمد حسين السبيعي