بسم الله والحمد لله والصلاة و السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه،
أما بعد فضيلة الشيخ عبيد احسن الله اليكم، يعزم الإخوان المسلمون وغيرهم للخروج في تاريخ 27 / 8/ 2012 في ساحة الإرادة في الكويت للوقوف في وجه ولي الأمر والخروج عليه، ويزعمون أن ما يقومون به ليس من الخروج على ولي الامر، فهل من نصيحة للمسلمين في هذه الفتنة وفقكم الله؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، وأشهد أن محمداًَ عبده ورسوله خاتم النبيين وسيد الناس أجمعين؛ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً
بادئ ذي بدء أسال الله الكريم رب العرش العظيم أن يحرس دولة الكويت الحبيبة من كل سوء ومكروه، وأن يجمع خواصها وعوامها على ما رضيه للعباد والبلاد من الإسلام والسنة
ثم اعلم أيها المسلم أن الخروج على ولي الأمر على ضربين:
خروج هو مجرد التحريض و التهييج عليه، وذلك عن طريق التشهير بأخطائه أو اخطاء نوابه -وهم الوزراء ومن في حكمهم-، وهذا من الإذلال لسلطان الله وإهانته، وهذا الصنف يسمون عند أهل العلم: الخوراج القاعدية، لأنهم يحرضون على ولي الأمر بالكلمة، وأردوا بها النصيحة فيما زعموا وهي ليست من النصيحه في شيء، و الخروج القعدي أو القاعدي هو بذرة للضرب الثاني وهو الخروج بالسيف، وأهله يسمون الخرواج المحاربة هذا أولا
وثانياً: أذكر المسلمين في الكويت -ودولة الكويت مسلمة، فهذا الوصف لا مفهوم له، معناه أنه لا يوجد غير مسلم إلا من كان عاملا من عمال الشركات المستوردين من غير الدول الاسلامية للعمل وهؤلاء لهم ذمة ولي الأمر وأمانة فلا تمس أموالهم ولا أعراضهم ولا دماؤهم بسوء-
وأقول: ما أحسن ما قاله أبو عثمان النسيابوري رحمه الله: "من أمّر السنة على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالحكمة، و من أمّر الهوى على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالبدعة"
وجماعة الإخوان المسلمين المصرية منشأ -لأن من أسسها لعله في الربع الأول من القرن التاسع عشر الميلادي او العشرين الميلادي حسن البنا، ثم بعد ذلك صارت لها فروع- لا يستغرب منها هذا
لأن هذه الجماعة هي إحدى الجماعات الكبرى؛ إحدى الجماعات الدعوية الكبرى الحديثة التي كلها بلا استثناء ضالة مضلة منحرفة عن سبيل المؤمنين مشاقة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فلا يقبلون من السنة إلا ما يتفق مع أصولها و قواعدها التي قعدها وأصلها لهم إمامهم حسن البنا ومن يأتي بعده من النظار الكبار كالقرضاوي الضال المضل الفاجر خادم الماسونية -أقولها ولا أجد غضاضة في ذلك، ولا كرامة ولا نعمة عين-
وقد ذكر أمين سر هذه الجماعة علي عشماوي في تاريخها السري أنه ما أنشئت جماعة أو ما خرجت جماعة إلا من تحت عباءة جماعة الاخوان المسلمين،
وأقول خذ على ذلكم امثلة:
احتواء الرافضة بل و اليهود و النصارى يمكن أن يكون من هذه الجماعة، لأنها تنطلق من قاعدة المعذرة و التعاون؛ نجتمع على ما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه، ولهذا يمكن أن يدخل في صفوفهم من انتسب إلى الإسلام والإسلام بريء منه كالرافضة الباطنية؛ وغير المنتسب للإسلام كاليهود و النصارى
وانطلقت منها كذلك دعوة التسامح بين الأديان، والدعوة إلى وحدة الأديان، إلى غير ذلك من البلايا، فلا غرابة إذن أن تصنع هذه الجماعة ما تصنع أو ما سوف تصنعه كما هو مذكور في السؤال
ولابد هاهنا وقد قال صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: "لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم"، فاني أنصح جميع المسلمين وفي الكويت ودول الخليج خاصة أن ينقدوا هذه الجماعة وأن يمقتوها وأن يجِدّوا في كشف عوارها وإشهار فضائحها، نعم، وألا يستمعوا إلى نداءاتها، وأن يحكموا السنة -سنة النبي صلى الله عليه وسلم- فإن الله سبحانه وتعالى لم يتعبد العباد بأقوال البشر وما يؤصلونه وما يؤسسونه من أصول وقواعد، وإنما جعل الميزان الكتاب و السنة
فأهل الحديث وأهل السنة يزِنون ما يرد اليهم من أقوال الناس وأعمالهم بميزانين وهما النص والاجماع، فمن وافق نصا او اجماعا قُبل قوله، ومن خالف نصا او اجماعا رُد عليه؛ ردت مخالفته قولا او فعلا؛ كائنا من كان، فكيف بجماعة مستعدة لمصافاة اليهود و النصارى!
ومن الأدلة الواقعية قريبة ملتقى النهضة الذي عقد في البحرين برئاسة سلمان العودة ومن واقفه: فيهم رجل يهودي يقال له عزمي بشارة، وفيما بلغني أنه عضو في مجلس الكنيست الاسرائيلية فنصيحتي لأهل الكويت ألا يخرج أحد معهم في هذه المظاهرة
وأقترح على أبنائنا الخطباء والدعاة الى الله في الكويت وأهل العلم -وما أكثرهم ولله الحمد- أن يبينوا للناس ضلال هذه الجماعة وفساد هذا العمل، وأن العمل لن يكون صالحاً حتى يجتمع فيه شرطان؛ وهما: تجريد الإخلاص لله وحده، و تجريد المتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم . وأنصح من كان عاقلاً من هؤلاء أن يتوب إلى رشده، وأن يتأمل سنة النبي صلى الله عليه وسلم حرصاً على جمع الكلمة وحرصاً على ألا يذل سلطان الله في بلدهم
فإن السنة المتواترة قاضية بالسمع و الطاعة لولي الأمر من المسلمين حال العسر و اليسر والمنشط والمكره والأثرة ما لم يأمر بمعصية، ومن ذلكم قوله صلى الله عليه وسلم: "إلا من ولي عليه والٍ فرآه يأتي شيئاً من معصية الله فليكره ما يأتي ولا ينزعن يداً من طاعة"
وها هنا أمر لا بد منه وهو أن ما يصدر عن ولي الأمر له أحوال ثلاثة :
الحال الأولى: أن يكون طاعة لله -فرضاً كان او نفلاً، واجباً او مستحباً- فتجب فيه الطاعة لولي الأمر طاعة لله و لرسوله صلى الله عليه وسلم
الحال الثانية: أن يكون فيه مجال للرأي والاجتهاد، فإذا عزم ولي الأمر على أحد القولين أو الأقوال المختلفة في هذا فإنه تجب طاعتهم فيه جمعاً لكلمة المسلمين -وإن كنا نخالفهم.
الثالث: أن يكون معصية، فهذا لا طاعة له فيه، لا سمع ولا طاعة، لكن ماذا نصنع؟ وما الذي يجب على صاحب السنة أن يعمله حيال هذا الأمر الذي صدر عن الحاكم المسلم، وهو معصية لله بدلالة الكتاب أو السنة أو الاجماع؟
فالواجب أولا: التحذير من المنكرات بصفة عامة، فإن شيوع المنكرات خطر يعلي مقام السفهاء و يرفع مقام الفجار من الناس، وليكن هذا الوعظ بالحكمة والموعظة الحسنة وبالتي هي أحسن
الثاني: السعي في جمع كلمة الحاكم المسلم وتهييج الناس على ذلك -يعني على السمع له و الطاعة و جمع الكلمة-، وقديما قالوا: أربعون عاما تحت حاكم جائر خير من يوم بدون سلطان، أو كما قال
الثالث: مناصحة ولي الأمر سرا حتى عن أقرب الناس إليه ان امكن، قال صلى الله عليه وسلم: من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية، وليخلُ به وليأخذ بيده، فإن قبلها قبلها وإن ردها كان قد أدى ما عليه
فهذا الحديث يفيد ما يأتي:
أولا: السرية التامة في مناصحة ولي الأمر المسلم حتى عن أقرب الناس إليه
الثاني: براءة الذمة بالنصيحة على هذا الوجه وأنه لا يلزم من النصيحة قبول الحاكم إياها، فلا شأن لنا به قبلها أو لم يقبلها
الثالث: أنه لا وجه آخر تبرأ به الذمة في نصح الحاكم سوى هذا الذي تضمنه الحديث
فنصيحتي لكل عاقل في الكويت وفي غيرها ألا يستجيب لهذه النداءات الفاجرة الفاسدة الضالة المضلة سواء تطلقها جماعة الإخوان المسلمين -ولا أظن غيرها- أو غيرها من الجماعات الدعوية الحديثة التي كلها ضالة مضلة
ونصيحتي للعقلاء من أبنائنا وإخواننا في الكويت أن يتقوا الله في ولاة أمورهم، وألا يسعوا في تفريق كلمة أهل الإسلام في البلد، فإن من تسبب في ذلك فقد سن في الإسلام سنة سيئة، قال صلى الله عليه وسلم: ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من تبعه أو قال فعله إلى يوم القيامة، أو كما قال صلى الله عليه وسلم،
هذه نصيحتي لأتباع الجماعة الضالة المضلة، ولأبنائنا في الكويت
وفق الله الجميع لما فيه مرضاته وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أحسن الله إليكم، جمعية إحياء التراث أخرجت فتوى تفرق فيها بين المظاهرات وبين المهرجانات الخطابية، فما رأيكم لهذا التفريق؟
الجواب:
جمعية إحياء التراث من أين تستمد أصولهتا في المنهج؟ من جماعة الإخوان المسلمين،
فلا يستغرب أن تصدر هذه الفتوى وفيها من التكفيريين والخوارج القاعدية من تعلمون ويعلمه أهل الكويت، فلا يلتفت، هذا تفريق باطل، تفريق فاسد، نعم، السلطان عندنا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وليست بالفتاوى المستمدة من قواعد وأصول مبتدعة، نعم
http://t.co/DtYt6MTh