الثلاثاء، نوفمبر 06، 2012

نصيحة في بيان كلام العلماء في مسألة نصح الحاكم مع واقعنا الحالي


((( الحلقة الأولى )))

١- ما نراه اليوم ليس هو من قبيل الإنكار علنا أو سرا إنما هو خروج صريح على ولي الأمر ورفض الانصياع له وطاعته والمطالبة برئاسة الوزراء والإمارة الدستورية التي تعني تهميش الحاكم
فالمسألة أعظم من مجرد النصح والإنكار بل هي خروج عن طاعة ولي الأمر وتحكيم الدستور على شرع الله وهذا منزلق خطير
ويجب علينا أن لا ننساغ خلف ما يريدون من تلبيس خروجهم بالنصح ثم يُحصر النقاش في السر أو العلن !

٢- ماورد عن أبي سعيد وتقرير أهل العلم له إنما كان في إنكار شيء من تغيير دين الناس وهؤلاء أرادوا الاستفادة من هذا في تغيير دنيا الناس والتدخل في سياسة الحاكم ومنازعته في الحكم وشتان بين الأمرين !
كيف وقد جاء صراحة من قول نبينا صلى الله عليه وسلم بالصبر على جور الولاة عند استئثارهم بالدنيا لأنفسهم

٣- عين العلامة ابن عثيمين رحمه الله المصلحة التي يريدها في جواز الإنكار العلني على الحكام فقال : "الأدلة الدالة على أن الإنكار يكون علنا فيما إذا كنا نتوقع فيه حصول المصلحة وهي : حصول الخير وزوال الشر"
ووالله ما نراه اليوم من إنكار هؤلاء المفسدين إنما يزيد به الشر شرا فضلا أن يزول !

٤- كما بين الشيخ ابن عثيمين شرطا آخرا لهذا الإنكار العلني في نفس الموضع من كلامه إلا أن هؤلاء بتروا هذا الموضع !
فبين أن ذلك إنما يكون أمام الحاكم وليس في غيبته وما ورد عن السلف إنما كان أمام الحاكم
بل لم يُجوز الشيخ إنكار المنكر في غيبة الحاكم إذا اشتمل على التلميح ولو لم يكن صريحا !

اضغط لسماع المقطع المبتور

اضغط لسماع المقطع كاملا دون البتر :

اضغط لسماع موضع الشاهد لمن أراد الاختصار :


٥- أما العلامة الألباني رحمه الله فقد قال : "هذا أمر مستثنى من القاعدة" ا.هـ
ألم تسأل نفسك أخي الكريم أي قاعدة ؟
هي قاعدة السلف في الإنكار سرا
فبين أن هذا الأمر إنكار استُثني لمصلحة خاصة اقتضى المقام عدم تأخير الإنكار ليكون سرا - كما جرى عليه السلف في إنكارهم على الولاة - والمصلحة هي : أن لا يظن الناس أن هذا الفعل من مروان هي السنة بدليل إقرار بعض الصحابة له فتأخير البيان والنصح هنا لا يجوز لما يترتب عليه من تحريف الدين

٦- الأمانة تقتضي جمع مذهب العالم والواجب أن نفهم مراد العالم من ( المصلحة ) من سائر أقواله
فهؤلاء يريدون أن يُجيروا هذه الفتاوى لأعمالهم الخارجية وزعموا أنها مصالح وهي عند علمائنا من صريح أقوالهم مفاسد عظيمة وخروج على ولي الأمر وليست من النصح أبدا فليحذر المسلم من كيد أهل الأهواء
((( فليس من المصلحة عندهم ))) :
أ- تصدر الجهال وعامة الناس وإقحامهم في ذلك دون العلماء الربانيين الذين هم أهل لمعرفة المصالح والمفاسد
ب- المظاهرات والاعتصمات وسائر أعمال الكفار من هذه الاحتجاجات التي هي من أعمال الخوارج
ج- الإنكار في غيبة الحاكم ولو تلميحا
د- الإنكار من فوق المنابر
هـ- التشهير بعيوبهم وإثارة العامة عليهم
و- إقحام عامة الناس في سياسة الحاكم
وعير ذلك مما هو منثور من مواضع كثيرة من كلامهم

يتبع ....
((( الحلقة الثانية )))

٧- تلحظ من كلام العلماء في ذات المقاطع رحمهم الله أن القاعدة عندهم والأصل هو الإنكار سرا وفعل أبي سعيد جعلوه استثناء حصل أمام الحاكم اقتضى ذلك مصلحة حماية الدين من البدع
وهؤلاء من أهل الأهواء أرادوا أن يجعلوا من هذا الاستثناء هو القاعدة والأصل وأن يحملوا سائر النصوص عليه

٨- ورد عن سائر السلف من صريح قولهم رفض الإنكار العلني وهذا أقوى من أثر أبي سعيد لأمرين :
أ- موافقته للنصوص الصحيحة من الأحاديث كحديث : " من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية ولكن يأخذ بيده فيخلوا به فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه " صححه الألباني
وحديث ( سئل أي الجهاد أفضل ؟ فقال : كلمة حق عند سلطان جائر ) صححه الألباني
و(عند) ظرفية تدل أن مكان الإنكار أن يكون أمام الحاكم
ب- أنه من قولهم ونسبة مذهب الرجل من قوله الصريح أدل على المراد فيما لو أخذ من دلالة فعله وهي دلالة أضعف لتطرق الاحتمال إليها
قال شيخ الإسلام ( الاستقامة ١ / ٤٠١ ) : " والفعل قد يستدل به على مذهب الرجل وقد لا يستدل ولهذا ينازع الناس في مذهب الإنسان هل يوجد من فعله ؟ وقال بعض السلف: أضعف العلم الرؤيا. وهو قوله رأيت فلانا يفعل..." ا.هـ
ومن هذه الآثار :
عن أسامة بن زيد رضي الله عنه لما قيل له : ألا تدخل على عثمان فتكلمه ؟
قال: أترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم ؟!
والله لقد كلمته فيما بيني وبينه ما دون أن أفتتح أمراً لا أحب أن أكون أول من فتحه. متفق عليه واللفظ لمسلم
قال النووي رحمه الله : "قوله (أفتتح أمراً لا أحب أن أكون أول من افتتحه) يعنى المجاهرة بالإنكار على الأمراء في الملأ " ا.هـ
وعن سعيد بن جبير قال : قال رجل لابن عباس : آمر أميري بالمعروف ؟ قال : " إن خفت أن يقتلك فلا تؤنب الإمام فإن كنت لابد فاعلا فيما بينك وبينه " رواه ابن أبي شيبة

٩- مثل هذا الإنكار لابد أن يصدر من عالم يرجى قبول الحق منه فتحصل به المصلحة كحال الصحابي أبي سعيد الخدري وليس أن يتصدر له الجهال و الرعاع من عامة الناس والذين تحصل في إنكارهم مفاسد أعظم !
وتأمل كيف يقرن الله العلماء والأمراء جميعا في لفظة واحدة {أولي الأمر منكم} وما ذلك إلا لحكمة بليغة إذ يحصل بالعلماء صلاح الدين وبالأمراء صلاح الدنيا وليس هذا لعامة الناس

١٠- فعل أبي سعيد إنما فعله لما يعلم إنما هو في أمر لا يترتب عليه تحريض الناس وتحريك قلوبهم على ولي الأمر أو فتنتهم بذلك أما ما نراه اليوم فهؤلاء يعمدون إلى معايب من ولاة الأمور في ذكرها فتنة وتحريض للناس فينكرونها علنا !!
خاصة ما كان متعلقا في ضيق المعاش والحريات وغير ذلك من المطالب الدنيوية التي يعلمون أنها موضع مطامع واهتمام عامة الناس فيستغلونها لتحريضهم على الخروج !

١١- ذهب بعض أهل العلم أن هذا إنما حصل سرا لما جاء في بعض الروايات قال أبوسعيد : " فخرجت مخاصرا مروان " وفي بعضها : " فجبذته من ثوبه "
قال ابن الجوزي : والمخاصرة أن يأخذ الرجل بيد آخر يتماشيان فَيَدُ كل واحد منهما عند خصر صاحبه ا.هـ
فهذه الروايات تدل أنه خاطبه فيما بينه وبين مروان وتدل على رفقه في الإنكار وعدم إهانة السلطان كما هي مقتضى الأدلة الأخرى

١٢- إن إعراض هؤلاء عن سائر فتاوى العلماء وتمسكهم بغير المحكم منها لدليل على فساد منهجهم
ومما يدل أيضا على فسادهم استشهادهم بأثر أبي سعيد رغم أنه أنكر على والي المدينة وقد كان أمير المؤمنين آنذاك هو معاوية رضي الله عنه ومعلوم تقرير أمثال هؤلاء - باطلا - وحصرهم نصوص السمع والطاعة والإنكار سرا في الخليفة العام دون الوزراء ومن ينوبون عنه
فإذا أرادوا تقرير مذهبهم الفاسد استشهدوا بأثر إنما كان الإنكار فيه على غير الخليفة العام !
إنما هي الأهواء تتجارى بهم كما يتجارى الكَلَبُ بصاحبه

١٣- تأمل مع تقرير العلماء في أثر أبي سعيد تقريرهم في هذه المواضع متجردا إلى الله
واسأل نفسك هل ما يسعى له هؤلاء متذرعين بفتاوى هؤلاء العلماء الكبار لتبرير أعمالهم الخارجية وتنزيلها على واقعهم المرير يتوافق مع سائر تقريرات علمائنا في المواضع الأخرى التي بينوا فيها معنى المصلحة أتم بيان وأن ما يفعله هؤلاء خروج ليس بنصيحة ؟!
على المسلم أن يكون كيسا فطنا عالما بما يراد به من الباطل فيحذره ويحذر منه

اضغط لسماع تقرير العلامة ابن باز رحمه الله


اضغط لسماع تقرير العلامة ابن عثيمين رحمه الله


تقرير العلامة صالح الفوزان حفظه الله
١)
اضغط للسماع
٢)
اضغط للسماع

كتبه جاسم الكوهجي الكندري