الخميس، أبريل 28، 2011

موقف أئمة أهل السنة من مناظرة أهل البدع

ما موقف أهل السنة من مناظرة أهل الأهواء والبدع

عن أبي علي؛ حنبل بن إسحاق بن حنبل؛ قال: كتب رجل إلى أبي عبد الله -أحمد بن حنبل- رحمه الله كتابًا يستأذنه فيه أنْ يَضَعَ كتابًا يشرح فيه الرَّد على أهل البدع، وأنْ يَحْضُر مع أهل الكلام فيُناظِرهم ويحتج عليهم، فكتب إليه أبو عبد الله:

"بسم الله الرحمن الرحيم، أحسن الله عاقبتك، ودفع عنك كل مكروه ومحذور، الذي كُنَّا نسمع وأدْرَكنا عليه مَنْ أدْرَكنا مِنْ أهلِ العلمِ أنَّهم كانوا يَكْرَهون الكلام والجلوس مع أهل الزَّيْغِ، وإنَّما الأمور في التَّسليم والانتهاء إلى ما كان في كتاب الله، أو سُنَّة رسول الله، لا في الجلوس مع أهل البدع والزَّيْغِ لِتَرُد عليهم، فإنَّهم يُلبِّسون عليكَ وهُم لا يَرجِعون، فالسَّلامة إنْ شاء الله في ترك مُجالستهم والخوض معهم في بدعتهم وضلالتهم، فليتَّقِ الله امرؤ، وليصر إلى ما يعود عليه نفعه غدًا من عملٍ صالحٍ يُقدِّمه لنفسه، ولا يَكُن مِمَّن يُحدِث أمرًا، فإذا هو خرج منه أراد الحُجَّة، فيحمل نفسه على المحال فيه، وطلب الحُجَّة لما خرج منه بحقٍّ أو بباطلٍ ليُزيِّن به بدعته وما أحدث، وأشد من ذلك أنْ يكون قد وضَعَه في كتابٍ قد حُمِلَ عنه، فهو يُريد أنْ يُزيِّن ذلك بالحقِّ والباطلِ، وإنْ وضح له الحق في غيره، ونسأل الله التوفيق لنا ولك، والسلام عليك"

الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة 1/155– أثر رقم: 48


قال الإمام أبو بكر محمد بن الحسين الآجُري رحمه الله: "ينبغي لكلِّ من تمسَّك بما رسَمْناه في كتابنا هذا -وهو كتاب الشَّريعة- أنْ يَهجُر جميع أهل الأهواء؛ مِنْ مِثْلِ الخَوارِج، والقَدَرِيَّة، والمُرجِئة، والجَهْمِيَّة، وكل من ينتسب إلى المُعتزلة، وجميع الرَّوافِض، وجميع النَّواصِب، وكل من نَسَبَه أئمَّة المسلمين أنَّه مُبتدع بدعة ضَلالة، وصحَّ عنه ذلك؛

فلا ينبغي أنْ يُكلَّم، ولا يُسلَّم عليه، ولا يُجالَس ولا يُصلَّى خلفه، ولا يُزوَّج، ولا يتزوج إليه مَنْ عَرَفَه، ولا يُشارِكه، ولا يُعامِله، ولا يُناظِره، ولا يُجادِله، بل يذلّه بالهوان له، وإذا لقيته في طريقٍ أخَذْتَ في غيرها إنْ أمْكَنَك.

فإن قال: فَلِمَ لا أُناظِره وأُجادِله وأردُّ عليه قوله؟.

قيل له: لا يُؤمَن عليك أنْ تُناظِره وتَسمَع منه كلامًا يُفسِد عليك قلبك، ويخدعك بباطله الذي زيَّن له الشيطان فَتَهْلَك أنْتَ؛ إلاَّ أنْ يضْطَرَّك الأمر إلى مُناظرته، وإثبات الحُجَّة عليه بحضرة سُلطَان أو ما أشبهه لإثبات الحُجَّة عليه، فأمَّا لغير ذلك فلا.

وهذا الذي ذَكَرْتُهُ لَكَ مَقول مَنْ تقدَّم مِنْ أئمَّة المُسلمين، ومُوافِق لسُنَّةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم" (الشريعة للآجري 5/2540)