السؤال:
هناك من يقول ان نواب البرلمان هم ولاة امر لهم السمع والطاع ويستدل لذلك ويسمونهم السلطة التشريعية فهل هذا صحيح؟ نرجو البيان
جواب الشيخ طارق السبيعي حفظه الله:
نواب مجلس الامة ليسوا ولاة امر، طبعا هم ليسوا ولاة امر، ولم يستمدوا سلطتهم من الدولة، لو كانوا هم امتدادا للسلطة وامتدادا لولي الامر نقول نعم، ونائب الأمير له نفس الاحكام طالما انه ينفذ احكام الامير فيجب له السمع والطاعة، يعني السمع والطاعه يكون للامير ولنوابه الذين يعملون بأمره وينفذون أوامره ، هؤلاء لهم نفس الاحكام.
لكن حتى لو قدر ان بعض نواب الامير _ يعني نواب الامير من يدخلون في الحكم ويعملون تحت امره _ لو كان يعمل لمصلحته فهذا خائن لا نطيعه حتى لو كان وزيرا، وزير يعمل لمصلحته فهذا يخون الأمير، ما يعمل بانفاذ امر الامير، فهنا ما نقول نسمع له ونطيع لأنه وزير، لا، هنا هذا في خيانته ليس نائبا للأمير على كل حال هذه مسألة ثانية.
المهم ان نواب مجلس الامة هم ليسوا نوابا للأمير، إنما اتوا من الشعب يعني استمدوا سلطتهم من الشعب فهم ليسيوا نواب الأمير
وليسوا ايضا من اهل الشورى، بعضهم يحاول ان يلبس ويجعل مجلس الشعب او مجلس الأمة البرلمان هم اهل الشورى في الإسلام فيقول هذا النظام اسلامي مشروع
والفرق كبير جدا :
الاول ماذكرناه وان اهل الشورى من يختارهم الامام، في الاسلام عندنا اهل الشورى يختارهم الامام من اهل الحل والعقد ومن أهل الرأي فيستشيرهم، هؤلاء هم اهل الشورى، اما في النظام البرلماني هم اناس يختارهم الناس رغما عن الامير ورغما عن الامام فليس هؤلاء هم اهل الشورى
ثانيا اهل الشورى الذين يشاورهم الامام هم مهمتهم اسداء المشورة للامام، واما هؤلاء ليس مهمتهم المشورة، مهمتهم المحاسبة والمراقبة، فان السلطة التشريعية مهمتها المحاسبة والمراقبة، ولذلك هم حجر عثرة في طريق ولاة الأمر ، وهم غصة في حلوق الامام يقفون في وجهه ويسلبون جزءا من سلطته، فهم ليسوا اهل شورى وانما هم اهل محاسبة واهل مراقبة واهل تنحية ايضا يستجوبون وينزعون الثقة
اما اهل الشورى في الاسلام فهم الذين يشاورهم الإمام وليس الذين يحاسبون الامام
وايضا الشورى في الاسلام ليست ملزمة، يعني ممكن الامام يشاور ثم بعد ذلك يختار مايشاء، أما هؤلاء يجعلون رأيهم شرطا في صحة أي قرار يصدره الإمام، فالإمام اذا اصدر قرارا لابد ان يمر على مجلس الامة للسلطة التشريعية فاذا رفضوه لايمر.
فالفروقات كثيرة جدا وليس هذا من باب الشورى ابدا وانما هو نظام معروف نظام عالمي شائع اخذوه من الكفار على ما هو عليه من علاته وعلى تناقضاته مع الاسلام.
هذا النظام الذي هو فصل بين السلطات، ليس في الاسلام فصل بين السلطات ،بينما في النظم الحديثة هناك سلطات متعددة ولابد من الفصل بينها: السلطة التشريعية، السلطة التنفيذية، السلطة القضائية، بل اكثر من ذلك هناك سلطات غير منصوصة ولكنها معتبرة في النظم الحديثة كسلطات المجتمع المدني كالنقابات والاتحادات وغيرها والصحافة ووسائل الاعلام كلها تعتبر سلطات موزعة
فالامام ما يملك السلطة، ولذلك فهو ما يملك ان يغلق صحيفة لأنها هذه سلطة قائمة بذاتها مايملك ان يغلق الصحيفة الا اذا خالفت القانون، فهنا الفصل بين السلطات هو نظام غربي اخذ من الكفار فليس من الاسلام في شيء، ولذلك ما نقول انهم ولاة امر
من الامور التي يستحب التنبيه اليها ان الخطورة في مثل هذه الأمور لاتكون بمجرد المخالفة للشرع، ولكن الخطورة في هذه الأمور هو ان يقوم هؤلاء المنتسبون للاسلام بتحريف الدين وتغيير الدين ليتفق مع هذه المبادئ
فتحريف الدين من أعظم الشرور في الدين، من اعظم الشرور تحريف الدين، وقد جعله الله عزوجل اشد من الكفر كما قال تعالى:
"قل إنما حرم ربي الفواحش ماظهر منها وما بطن" -الفواحش: المعاصي
"والاثم والبغي بغير الحق" _التعدي على الناس.
"وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا" _الشرك.
"وأن تقولوا على الله مالا تعلمون" _تغيير الدين.
فتغيير الدين "وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون"، تقول هذا من دين الإسلام، السلطة التشريعية هذه هي الشورى تغير حكم الله عزوجل وتبدله هذا اعظم من الشرك، لأن هذا هو أكبر شرك وقع على وجه الارض، تبديل دين الله عز وجل.
فاليوم الذي يتعرض له الإسلام والمسلمون من تبديل الدين ليتوافق مع هذه النظم الحديثة وتطويع الدين وترويضه ليتوافق مع هذه القيم الحديثة من فصل السلطات، من التبادل السلمي للسلطة، من الديموقراطية، من الانتخابات، من السيادة للشعب، من النظام الدستوري، كل هذا من تبديل الدين، وهو اخطر ما يتعرض له الإسلام اليوم.
للإستماع