إخوتي وأبنائي ليس كل من تكلم سُمع له، والعاقل يعرض مايسمع ولا يحفظ إلا أحسن مايسمع ، وإذا تكلم، تكلم بأحسن ماحفظ وأجمل ماحفظ، فالواجب على الإنسان أن ينظر ويتأنى في هذا العصر خاصة فإن الحملة شرسة وشعواء، فسبحان الله العظيم ما أشبه الليلة بالبارحة، فالسنة معشر الأبناء أبواب مترابطة، فإن وافقنا هذا في الإنكار على الخوارج وخالفنا في الإرجاء ماهو سني، ولإن وافقنا في السمع والطاعة للأئمة المسلمين وجاء يخالفك في مثل هذه المسائل في الولاء والبراء لأهل البدع ماهو سني، ولإن وافقنا في هذه كلها ويغضب لأهل الأهواء والبدع ماهو سني، والاحتجاج إنما يصح بما لا يُنقض، وهو كلام المعصوم ﷺ وكلام ربنا قبل ذلك تبارك وتعالى، وأما الناس فكل واحد منهم يؤخذ ويترك، يؤخذ من قوله ما وافق الحق ويُرد عليه الباطل الذي أخطأ فيه، وليُعلم أن باب الولاء والبراء باقي ولله الحمد، ومجانبة أهل الأهواء والبدع وبغضهم باقي ولله الحمد ولو كانوا من أبنائنا، وبيان الحق فيهم والقيام بأمر الله ﷻ باقي ولو كانوا من أبنائنا، فبهذا نُصر دين الله
تبارك وتعالى، فإن كنت تريد الله والدار الآخرة فعليك بالقيام بأمر الله ورسوله ﷺ، وإن كنت تريد كثرة الأتباع فلن يغنوا عنك من الله شيئاً ، فإن النبي ﷺ يأتي يوم القيامة ومعه الرهط، والنبي ومعه الرهيط، والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد، فهل هذا دليل على أنهم مايحسنون الدعوة؟
لا والله هذا دليل على فساد المدعوين، إذا كنت تدعو إلى كتاب الله وسنة رسوله ﷺ وما وجدت من يستجيب إنما عليك البلاغ، والله قد قال لرسوله {ليس عليك هداهم}قال ﷻ {وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون}
والرزية والبلية كما قلت أول الكلام كل البلية أن تعرف ماكنت تنكر وأن تنكر ماكنت تعرف، فالذي بالأمس تراه صواباً وسنه وأصبحت تراه منكراً فاتهم نفسك واتق ربك وعليك بمراجعة إخوانك أهل الحق والهدى ، وماكنت تراه بالأمس باطلاً اليوم تراه صواباً هذه مشكلة عظيمة نسأل الله العافية والسلامة والثبات عزيز عياذاً بالله من ذلك.
ولا أبغض من التلون ولا أخبث منه، إذا جلس بين أهل السنة قال قولاً ،وإذا بعُد عنهم قال قولاً آخر، يذهب إلى إندونيسيا وإلا ماليزيا وإلا أمريكا وإلا...، يقول بمثل هذه المقالات، وبين ظهرانيهم لايقول بهذه المقالات لأنه يسمع ويعلم ويرى أن أمامه من سينقل وسيبلغ أهل السنة وسيتصايحون به من أطرافها،
ليش إذا خرج برا يقول مافي سرورية، وإذا جاء داخل يسكت؟
صرح بها، صرح بها حتى تنكشف وتُعرف وكُن وجه واحد ، فمثل هؤلاء أنا أحذركم منهم معشر الأبناء غاية التحذير، فلا تقلدوهم ولاتجلسوا لهم فإنهم والله أضر عليكم ، ماتشعرون بعد مدة إلا وقد انكسر عندكم جانب الولاء والبراء.
فأسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتنا وإياكم على السنة كما هدانا لها وأن يميتنا عليها كما هدانا لها، وأن يحشرنا في زمرة صاحبها صلوات الله وسلامه عليه كما هدانا لها،وأن يهون علينا مشقة التمسك بها إذا ما حوربنا فيها وأن يؤنس قلوبنا بها و بقراءة أحوال أهلها الذين سبقوا ولم يبدلوا تبديلاً رضي الله عنهم وأرضاهم ،وكما أسأله ﷻ أن يرزقنا وإياكم البصيرة في الدين والفقه فيه، والثبات على الحق إنه جوادٌ كريم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
الشيخ محمد بن هادي المدخلي حفظه الله
للاستماع: